.

آخر الأخبار

Post Top Ad

Your Ad Spot

الثلاثاء، 27 فبراير 2018

فالح عبد الجبار.. أضأت ورحلت !

(عماد جاسم)
لم يَكن أكاديميا وباحثا عاديا يتوقف عند الدرس والبحث والكتابة في المجلات والدوريات فحسب, بل هو المنقب جذور المشكلة نفسيا واجتماعيا, ولم يكن قارئا نمطيا للتاريخ والسياسة بل هو السيسيولوجي المغرم باستنطاق الحقيقة وتحفيز العقل على مغادرة التنميط ليكون المتفرد بعد العلامة الراحل علي الوردي في الولوج على عوالم الشخصية العراقية ضمن سياقات التنظير العلمي لخلفياتها التاريخية وارتباطاتها الطائفية والدينية والبدوية, انه الباحث التنويري ذو التوجهات التقدمية فالح عبد الجبار, اليساري المجتهد والذي قارع النظام السابق متخذا من دول المهجر على مدى عقود ميدانا لانشغالاته المعرفية في حقوق الأدب والفكر والسياسة والاجتماع, ظل أمينا لقيمه ومبادئه, يعلن انحيازه لخير الإنسان باعتباره القيمة المثلى والأغلى للأوطان, فوضع دراساته وكتبه المتنوعة لتكون مشاريع أمل في رؤية أوضح لمعالم العلاقات الملتبسة بين الحاكم والمحكوم, بين الجلاد والضحية, بين الورع والملحد, أو بين العمامة والأفندي, حاول على مدى الأعوام الماضية تنظيم العديد من الورش والدورات للعاملين في الحقول المعرفية الإنسانية واجتهد على تأصيل فكرة دعم الشباب عبر دعم المراكز البحثية وتوفير المناخ الصحي للحوار المتعقل لتحسين واقع المجتمع المدني المهتم بقضايا المجتمع متخذا من مركزه في بيروت منطلقا لإقامة جسور التلاقي المعرفي, وبالرغم من انشغالاته الكثيرة وتكرار الوعكات الصحية, حرص على تعزيز التعاون المشترك مع مثقفي الداخل, مؤكدا على أهمية الفهم الجديد لواقع الأسلمة العراقية بردائها الجديد, معترضا على الأحكام المتسرعة والانفعالية على المتغيرات والأحداث ومرحبا بالتقارب المدني الإسلامي الذي يهدف إلى تأصيل أفكار إقامة الدولة المدنية العادلة بعيدا عن غول الإقطاعية السياسية المتأسلمة التي تريد ابتلاع فكرة الدولة وكيانها, في حضوره الأخير إلى بغداد نظم بعض الندوات في منظمات مجتمعية ومهنية معربا عن تفاؤله ببزوغ جيل عراقي اخذ يتجه لتفعيل قنوات الاتصال بين أصحاب التوجهات والأهداف الموحدة والساعية لنصرة الإنسان بمعناه الأشمل بعيدا عن صراع الأيدلوجيات. في آخر ندواته ببغداد, وعد بتكرار الحضور لإكمال دراسته المهمة حول جذور التطرف في العراق والمنطقة العربية, معتبرا أنها ستكون منهجا لدراسة إخفاقات الدول في التعاطي مع فكر سلفي أتى بفعل غياب الرؤية العملية في فنون التعامل مع المتغيرات الاقتصادية والتربوية الراهنة, إلا أن صاحب (العمامة والأفندي) أغمض عينيه مودعا, بعد سبعين عاما من الركض وراء المعنى والحقيقية ورفعة الإنسان!.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Post Top Ad

Your Ad Spot

الاكثر إهتماما